المقدمه

الصفحة

تمهيد

عندما يحقق الإنسان في قضية ما ، جريمة قتل ، تحطم طائرة ، سرقة في مبنى -أو أي حادث- فإن أول شئ يفعله هو أن يجمع الحقائق الموجودة أمامه و يبحث عن الأدلة حتى يفهم حقيقة الوضع ، فالحقائق تروي لنا قصة واقع الحادثه.

في هذا الكتاب سنحاول أن نجمع حقائق الدين ونحاول أن ندع الدين يروي القصة دون إبداء رأي أو تقييم شخصي ، عندما نجمع الحقائق هذه الحقائق تروي قصة كما في سورة النمل عندما يقول تعالى: (٢٩) إِنَّهُ ۥ مِن سُلَيۡمَـٰنَ وَإِنَّهُ ۥ بِسۡمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحۡمَـٰنِ ٱلرَّحِيمِ (٣٠) أَلَّا تَعۡلُواْ عَلَىَّ وَأۡتُونِى مُسۡلِمِينَ (٣١)

هذه الحقيقة البسيطة تروي لنا جوهر ولب الدين و هو أن لا يجعل الإنسان آلهة أخرى مع الله و أن يعود إلى خالقه مسلما بعد رحلته على هذه الأرض.

فعندما يحقق الإنسان في الدين يجد أن الله يريد من الإنسان العدل و الإحسان ، العدل حين يحكم بين الناس و الإحسان حين يتعامل مع الناس.

 

المشكلة الكبرى في فهم الدين هي أن الإنسان يضع رأيه قبل أن يجمع الحقائق وفي هذا الكتاب سنحاول أن نجمع الحقائق مبتعدين عن الرأي الشخصي قدر الإمكان و سنذكر كيفية جمع الحقائق و كيفية ربطها ببعضها دون أن يأخذ الرأي الشخصي حيزاً في فهم الدين.

 

المقدمه

يوضح هذا البحث الذي استغرق عقوداً من الزمن، الأزمة التي يعاني منها المجتمع الإسلامي، كيف و لماذا يتخبط الناس في دياجير الفوضى الفكرية و الروحية .
نبدأ بحثنا بالحمد لله حمداً كثيراً يوافي نعمه والصلاة والسلام على جميع الأنبياء والمرسلين ومن اتبعهم بإحسان إلى يوم الدين والله خير راحماً وهو أرحم الراحمين.
هذا البحث يعتمد منهجية جديدة كل الجدة لم يجربها المجتمع الإسلامي قبلا ، وإن كانت هناك بعض المحاولات المقاربة للفكرة من حيث الظاهر فإنها بعيدة كل البعد من حيث الجوهر.
هذا البحث هو خطوة أولى لإظهار الحق للبشرية بعد أن قطع التضليل شوطاً موغلاً بترسيخ معتقدات ضالة ومضلة حول الدين وحقيقته والكتب والأنبياء تحت شعارات التراث و التحديث ومحاكاة لغة الواقع والحرية الفكرية فأخذ الشر يصول ويجول مدعيا لنفسه حكمة العلم والدين ولبس الذئب الخاطف ثياب الحمل وسرق دين الله فضاعت الأخلاق وغيبت القيم وانحدر الإنسان والوعي الإنساني إلى الدرك الأسفل.
لذا كان لابد لنا من فضح هذا الدين الزائف وفضح منهجية الباطل وأهدافه مستنيرين بما قاله السيد المسيح:
“تضلون إذ لا تعرفون الكتب و لا قوة الله”
الإصحاح (12) متى (29).

“إنكم إن ثبتتم في كلامي فبالحقيقة تكونون تلاميذي وتعرفون الحق والحق يحرركم”

كان لابد لنا من رد دين الله إلى الله ليعيش الإنسان على هذه الأرض آمنا مطمئنا.
إن الواقع السائد فيه تركيبة معقدة من التحديات ، وليس من السهولة الخروج منها دون نظرة طويلة مستوعبة و عميقة للواقع الذي نعيش فيه نحن البشر من جهة و للمصحف الشريف من جهة أخرى ففي هذا الكتاب سنلقي نظرة عميقة على هذا المصحف الذي بين أيدينا.
حيث أن هذا الضياع الذي يعاني منه المسلمون اليوم هو حصيلة تراكمات كثيرة فبعد وفاة الرسول محمد ﷺ بدأ الخلاف من السقيفة ثم بعد ذلك بقليل بدأت تظهر تفاسير الفرق كالمتصوفة والعقلية والشيعية وغيرها كثير تطفو على السطح وتشعبت وتمددت حتى وجدنا أنفسنا أمام قوله ﷺ:
“لتسلكن سبل الأمم قبلكم حذو القذة بالقذة والنقل بالنقل حتى لو دخلو جحر ضب لدخلتموه”.

لقد تركنا قوله سبحانه وتعالى: وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ‌ۖ وَيُعَلِّمُڪُمُ ٱللَّهُ‌ۗ وَٱللَّهُ بِڪُلِّ شَىۡءٍ عَلِيمٌ۬ (٢٨٢) ۞ البقره
فأخذوا بتعليم الناس و تركوا تعليم الله العليم.

ودخلنا هذا الجحر المظلم مع الداخلين ولازلنا محبوسين فيه منذ أربعة عشر قرناً من هنا بدأت مسيرة النقل مقابل العقل والتفسير مقابل النص وهكذا نشات الشبهات والفرق والتفاسير واستمر التنازع إلى يومنا هذا وظهر من الدين الواحد أديان وأطياف وتلونات كثيرة بعيدة كل البعد عن جوهر الدين السامي وأهدافه النبيلة.
لقد تشعب الجدل إلى أن وصل الخلاف إلى التفاسير والأصول والعقيدة ومنهج الدين وتعريفه وحتى مفهوم الله.
في هذا الكتاب سنعيد كلام الله إلى الله وحده وفق منهجية مستمدة من كتب الله متذكرين قوله تعالى:
وَمَا يَعۡلَمُ تَأۡوِيلَهُ ۥۤ إِلَّا ٱللَّهُ‌ۗ وَٱلرَّٲسِخُونَ فِى ٱلۡعِلۡمِ يَقُولُونَ ءَامَنَّا بِهِۦ كُلٌّ۬ مِّنۡ عِندِ رَبِّنَا‌ۗ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّآ أُوْلُواْ ٱلۡأَلۡبَـٰبِ (٧) ال عمران

سنعتمد منهجية التذكر الذي أولّه الله ولن نأول من عند أنفسنا مبتعدين كل البعد عن التفاسير التي ثُبتت عبر التاريخ…
نحن نعلم أن معارف الناس تبقى بعيدة عن الحقيقة طالما بقيت رهينة لفهم السلف المغلوط الذي وضع في الذاكرة و لكي يكون للإنسان القدرة على التجرد لا بد من قراءة جديدة منقحة تعتمد على تعليم الله و ليس تعليم البشر و هي خطوة ليست سهلة و لا يتقبلها الناس لأنهم يعيشون في التيه و ينكرون عيشهم فيه و ليكون الدين في أقصى كماله في أمرين اثنين أحدهما إدراك الآيات و الكتب و الثاني الإلتزام و الممارسة بهذه الآيات و الكتب حتى تصبح جزءاَ أساسيا من حياتنا و هذا الأمر ينطبق على كل شيء بالوجود.
سنرمي حجراً في المياه الراكدة.
إن كل كلمة في المصحف لها مدلول لا تخرج عن مداره وإلا فقد كلام الله معناه.
إن الواقع الراهن بكل ما أُوتي من سلطان العلم والتقدم التكنولوجي والتراكم المعرفي والثورة المعلوماتية ليس أفضل من الماضي فالمفكرين اليوم اعتمدوا منهجية مماثلة لمنهجية التفاسير ولكن بلباس عصري وتم تحريف المصحف في معمل الحداثة بطريقة جديدة.
لقد تم ضياع العالم الإسلامي والإنسان المسلم أربعة عشر قرناً من الزمن فلماذا استمر هذا الضياع ولماذا لم نعرف الحق والحق يحررنا
من سرق كتب الله؟
إن الضياع الذي يعاني منه العالم بشكل عام والعالم الإسلامي بشكل خاص مرده إلى ما قاله السيد المسيح أننا لا نعرف الكتب وأن الصلة بين العابد والمعبود مقطوعة وأن الله لم يعد الفكرة المركزية لحياة الإنسان . لقد حلت آلهة جديدة من صنع البشر مكان الله الخالق والإنسان لا يدري أنه لم يرسخ فيما قاله الله.
إن مقولة السيد المسيح معبرة تماما عن واقع الإنسان الأليم فالإنسان اليوم ضال ولايعرف الكتب و لكن ما هي الكتب التي يجب علينا معرفتها لتجنب الضلال ؟ أين هي؟ هذا السؤال يشكل علامة فارقة في الوصول إلى الحل فالكل متفق حاليا على وجود مشكلة ولكن ليس هناك اتفاق على تحديد المشكلة وطرق الخروج منها.

ماهو الكتاب الموجود بين أيدي المسلمين ؟
إن المسلم تائه ، ضال ، ضائع لايعرف اجابة فتارة يقول أنه قرآن ومرة يقول بان اسمه قرآن مجيد أو فرقان أو قرآن كريم أو ذكر.
فما حقيقة هذا الكتاب الذي تم الإختلاف عليه إبتداءً من اسمه وانتهاءً بمحتواه.
ماهي الصحف المطهرة؟ كيف وصلت إلينا؟ ما آلية قراءتها؟ وكيف نفهمها؟
هل المصحف كتاب واحد أم عدة كتب؟ و من هو المخاطب في كل سورة من سوره؟ كل هذه الاسئلة تشكل بدايات للاجابة نتمنى من العلي القدير أن يوفقنا في الوصول إلى جوهر حقيقتها.

كيف وصل إلينا المصحف؟
هنالك آلية تمت بها تنزيل الصحف المطهرة وربطت الإنسان بخالقه هذه الآلية تقع ضمن ثلاثة أقطاب:

  • المرسِل: الذي هو الله.
  • المرسَل: إما هو : الملائكة أو روح القدس أو جبريل أو مكيال أو الروح.
  • المرسل إليه الذي هو: الرسول الذي يستلم الرسالة ومن ثم المرسَل لهم الذين صنفهم الله بأنهم إما:
    الناس ، الذين يوقنون ، الذين آمنوا ، الذين اتقوا ، المسلمين. وهكذا يميز الله تصنيفاته ليميز على من أُنزل الكتاب هل أُنزل على المتقين أم المؤمنين أم الذين يوقنون وهكذا ضمن سياق دقيق جدا.
    إذاً رحلة المصحف تمت عبر:

المصحف من الله ← إلى الرسل (الملائكه) ← إلى البشر (الأنبياء و المرسلين للناس) ← للمتقين أو للمؤمنين أو المسلمين أو الناس كي لا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل.
إن الله والملائكة والرسل كتلة متماسكة والملائكة والرسل لايعصون ربهم, والتمييز داخل هذه الكتلة المتجانسة ضرورة معرفية للمصحف فحين يقول تعالى:
(١٤٢) وَلَمَّا جَآءَ مُوسَىٰ لِمِيقَـٰتِنَا وَكَلَّمَهُ ۥ رَبُّهُ ۥ قَالَ رَبِّ أَرِنِىٓ أَنظُرۡ إِلَيۡكَ‌ۚ قَالَ لَن تَرَٮٰنِى وَلَـٰكِنِ ٱنظُرۡ إِلَى ٱلۡجَبَلِ فَإِنِ ٱسۡتَقَرَّ مَڪَانَهُ ۥ فَسَوۡفَ تَرَٮٰنِى‌ۚ فَلَمَّا تَجَلَّىٰ رَبُّهُ ۥ لِلۡجَبَلِ جَعَلَهُ ۥ دَڪًّ۬ا وَخَرَّ مُوسَىٰ صَعِقً۬ا‌ۚ فَلَمَّآ أَفَاقَ قَالَ سُبۡحَـٰنَكَ تُبۡتُ إِلَيۡكَ وَأَنَا۟ أَوَّلُ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ (١٤٣) الأعراف (14)
هنا يوجد شقين للاية:

  1. لما جاء موسى لميقاتنا المتحدث هنا هم الملائكة الذين كانوا على موعد مع موسى.
  2. وكلمه ربه الملائكة تخبرنا أن ربه كلمه.

وحين يقول تعالى: (٨) إِنَّا نَحۡنُ نَزَّلۡنَا ٱلذِّكۡرَ وَإِنَّا لَهُ ۥ لَحَـٰفِظُونَ (٩) الحجر(9)
المتكلم هم الملائكة الذين نزلوا الذكر ويحفظونه بأمر من الله قال تعالى: لَّا يَعۡصُونَ ٱللَّهَ مَآ أَمَرَهُمۡ وَيَفۡعَلُونَ مَا يُؤۡمَرُونَ (٦) التحريم(6)
هذه هي رحلة المصحف من السماء إلى الأرض ولايمكن أن تستقيم الرسالة أو تفهم بدون هذه السلسلة المتعاقبة ومعرفة المخاطب والمرسل إليه والنبي الذي حُمل الرسالة.
إذاً المصحف هو رسائل من الله إلى أنبيائه عبر وسائط متعددة الملائكة، روح القدس، جبريل، ميكال والروح.

آلية قراءة المصحف:
هل نقرا المصحف كما نقرا الكتب الأخرى؟ هل يتبع المصحف قواعد النحو والصرف والبلاغة أم أن له نسقاً معرفياً خاصاً به لا يشبه أي كتاب آخر؟.

إن المصحف لا يتبع قواعد اللغة العربية ولا شروطها ومصطلحاته لها معنى خاص يقترب أو يبتعد عن المجال الحيوي للغة فكيف نفهم المصحف إذا لم يكن تابعاً لقواعد اللغة العريبة وخصائصها؟.
إن قراءة المصحف تتم وفق معيار أو منهجية “الدين القيم” قال تعالى: (٢٥٤) ٱللَّهُ لَآ إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ ٱلۡحَىُّ ٱلۡقَيُّومُ‌ۚ البقرة(255) وكذلك دينه قيم بدليل قوله تعالى :ذَٲلِكَ ٱلدِّينُ ٱلۡقَيِّمُ‌ۚ – التوبة (36) . أي أن دين الله وكتبه قائمة بذاتها وتخبر عن ذاتها وتفسر بعضها بعضاً ولم يترك الله الباب مفتوحاً أو مواربا للتلاعب بالألفاظ والمعاني وإنما وضع نظاماً دقيقاً صارماً له كينونة خاصة فريدة فعندما يقول تعالى:  فَسۡـَٔلُوٓاْ أَهۡلَ ٱلذِّڪۡرِ إِن كُنتُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ (٧) الأنبياء (7)
فإن تعريف أهل الذكر موجود داخل المصحف فمن أعطي ذكراً من الله هو من أهل الذكر.
وحين يقول: صِرَٲطٍ۬ مُّسۡتَقِيمٍ (٢١٣) البقرة (213) فالله يحدد الصراط المستقيم بدقة متناهية غير قابلة للزيادة أو النقصان ثم يشير إليه ويقول: (١٢٥) وَهَـٰذَا صِرَٲطُ رَبِّكَ مُسۡتَقِيمً۬ا‌ۗ قَدۡ فَصَّلۡنَا ٱلۡأَيَـٰتِ لِقَوۡمٍ۬ يَذَّكَّرُونَ (١٢٦) الأنعام (126) .
إن كل كلمة خرجت من الله نجد تعريفها قائماً في كتبه وليس في عقول البشر أو قواميس اللغة.
إن المصحف يدحض جميع النسق المعرفية التي استخدمت لمعرفة كلام الله ولو أجرينا مقاربة بسيطة حول تفسير المصحف لمصطلحاته وتفسير المفسرين لوجدنا أن أغلبية مصطلحات المصحف قد خرجت عن سياقها الذي وضع فيه وكأن هناك ديناً جديداً لايمت بصلة لدين الله الموجود في كتبه.
فكلمة المتقين إذا تتبعناها في المصحف نجد تعريفاً خاصاً بالله ومحدداً وإذا تتبعنا كتب المفسرين نجد تعريفات وتشويهات ما أنزل الله بها من سلطان .
إن المصحف له طبيعة خاصة بحيث يقرؤه اثنان ليضل الأول ويهدي الثاني به وأسباب الضلالة والهداية موجودة في المصحف فالله تعالى يقول في سورة البقرة: ۞ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَسۡتَحۡىِۦۤ أَن يَضۡرِبَ مَثَلاً۬ مَّا بَعُوضَةً۬ فَمَا فَوۡقَهَا‌ۚ فَأَمَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ فَيَعۡلَمُونَ أَنَّهُ ٱلۡحَقُّ مِن رَّبِّهِمۡ‌ۖ وَأَمَّا ٱلَّذِينَ ڪَفَرُواْ فَيَقُولُونَ مَاذَآ أَرَادَ ٱللَّهُ بِهَـٰذَا مَثَلاً۬‌ۘ يُضِلُّ بِهِۦ ڪَثِيرً۬ا وَيَهۡدِى بِهِۦ كَثِيرً۬ا‌ۚ وَمَا يُضِلُّ بِهِۦۤ إِلَّا ٱلۡفَـٰسِقِينَ (٢٦) ٱلَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهۡدَ ٱللَّهِ مِنۢ بَعۡدِ مِيثَـٰقِهِۦ وَيَقۡطَعُونَ مَآ أَمَرَ ٱللَّهُ بِهِۦۤ أَن يُوصَلَ وَيُفۡسِدُونَ فِى ٱلۡأَرۡضِ‌ۚ أُوْلَـٰٓٮِٕكَ هُمُ ٱلۡخَـٰسِرُونَ (٢٧)

إذا تتبعنا مهنجية الدين القيم الذي يفسر ذاته بذاته نرى الأمور التالية:

  • يهدي به كثيراً.
  • يضل به كثيراً.
  • يضل به الفاسقين. بالتعريف هم:

ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه.

يقطعون ما أمر الله به أن يوصل.

يفسدون في الأرض.

هم الخاسرون.

 

إن تفسير المصحف وفق آلية “الدين القيم” يسحب البساط من تحت أقدام رجال الدين ويعيد الدين إلى جوهره الصافي العميق الواحد.

إن كل كلمة وكل وقوف وكل إشارة وكل حرف في المصحف محكم، مفصل، من لدن حكيم خبير.

إن المعنى في المصحف (إذا قُرأ وفق منهجية الدين القيم) لا يتغير بتغير الزمان والمكان والقراء و لذلك فان دين الله صالح لكل زمان ومكان لأنه صادر من القيوم الذي لايتبدل ولأن هذا الدين قيم.

إن كلمة قيوم بقوله تعالى في ايه الكرسي: (254) اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ

معناها هو الذي قام بنفسه واستغنى عن جميع مخلوقاته، وهو القائم الحافظ لكل شئ وهي الحياة الذاتية التي تنبع من المصدر.

إن اختلاف التفاسير يناقض تماماً مفهوم الدين القيم وليس عبثا أن الله أعطى لدينه صفة من صفاته.

كيف يبين دين الله ذاته بذاته، كيف يكون قيماً؟.

هناك آليتان تعملان لكشف الغطاء عن المعنى في المصحف فإما أن يكون المعنى:

  1. معلناً ظاهراً.
  2. مستتراً خافياً.

 

حين يكون المعنى ظاهراً معلناً فإنه يأتي:

مباشرة في أول السورة بعد الكلمة التي تحتاج إلى تفسير، أمثلة:

قال تعالى: الٓر‌ۚ ڪِتَـٰبٌ أَنزَلۡنَـٰهُ إِلَيۡكَ لِتُخۡرِجَ ٱلنَّاسَ مِنَ ٱلظُّلُمَـٰتِ إِلَى ٱلنُّورِ بِإِذۡنِ رَبِّهِمۡ إِلَىٰ صِرَٲطِ ٱلۡعَزِيزِ ٱلۡحَمِيدِ (١) ابراهيم  (1)

إذا: الر ، كتاب غير معرف تعريفه سيأتي لاحقاً.

هدفه:  ليخرج الناس من الظلمات إلى النور أي أنه موجه (للناس).

 

قال تعالى: الٓمٓ (١) ذَٲلِكَ ٱلۡڪِتَـٰبُ لَا رَيۡبَ‌ۛ فِيهِ‌ۛ هُدً۬ى لِّلۡمُتَّقِينَ (٢)

الم: ذلك الكتاب ( يشير إلى كتاب بعيد معرف با ال التعريف مستخدما اسم الإشارة ذلك و عدده واحد)  استعمل ذلك لكون  الكتاب المشار إليه أنه بعيد.

المرسل إليهم: (المتقين).

 

قال تعالى في سوره الاعراف: المص (1) كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ فَلَا يَكُن فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِّنْهُ لِتُنذِرَ بِهِ وَذِكْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ (2)

المص: كتاب عدده واحد غير معرف و سيعرفه لاحقا في مكان آخر.

المرسل إليهم (المؤمنين) وهو هدى ورحمة.

 

إذاً ووفق منهجية الدين القيم هناك ثلاثة كتب مختلفة وليس كتاباً واحداً ، كتاب للناس وآخر للمتقين وثالث للمؤمنين.
في وسط السورة مثال قال تعالى: يسٓ (١) وَٱلۡقُرۡءَانِ ٱلۡحَكِيمِ (٢)
التعريف لم يرد في أول السورة كما مر في الر والم والمص وإنما في الاية(69) من سورة يس قال تعالى:
(٦٨) وَمَا عَلَّمۡنَـٰهُ ٱلشِّعۡرَ وَمَا يَنۢبَغِى لَهُ ۥۤ‌ۚ إِنۡ هُوَ إِلَّا ذِكۡرٌ۬ وَقُرۡءَانٌ۬ مُّبِينٌ۬ (٦٩) لِّيُنذِرَ مَن كَانَ حَيًّ۬ا وَيَحِقَّ ٱلۡقَوۡلُ عَلَى ٱلۡكَـٰفِرِينَ (٧٠)

يس: هو ذكر وقرءان مبين لتنذر قوماً ما أُنذر آباؤهم.

في نهاية السورة – مثال سورة يوسف قال تعالى: الر ۚ تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ (1)
وفي آخر سورة يوسف يعرف تعالى الر الذي هو علامة الكتاب المبين ويقول:
(110) لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ ۗ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَىٰ وَلَٰكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (111)

هذا هو تعريف سورة يوسف التي هي الر هي تصديق الذي بين يديه وتفصيل كل شي وهدى ورحمة لقوم يؤمنون .
فعندما يقول في سورة الأعراف الآية (5)

قال تعالى: وَلَقَدْ جِئْنَاهُم بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَىٰ عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (52) هو يشير إلى سورة يوسف
ثم يعطينا معنى آخر له فيقول تعالى: وَمَا تَسْأَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ ۚ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ (104)

المعنى حين يكون مستتراً:
إن المعنى قد يكون مكنوناً في كتاب آخر أو إشارة إليه مثال قال تعالى في سوره النساء: (139) وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّىٰ يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ ۚ إِنَّكُمْ إِذًا مِّثْلُهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا (140)

إذا ذهبنا إلى سورة الأنعام الآية (68) قال تعالى: (67) وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّىٰ يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ ۚ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَىٰ مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (68)

إذاً نستنج أن الكتاب المشار إليه في سورة النساء هو سورة الأنعام.

إذا الكتاب تم الإستدلال عليه بواسطة الإشارة التي تركها الله لنا لنستدل عليها من سورة النساء.

مثال آخر سورة النحل قال تعالى: (43) بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ ۗ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (44)

لنتعرف على تعريف الذكر نذهب إلى سوره فصلت قال تعالى: (40) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ ۖ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ (41) لَّا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ ۖ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ (42)

إذا: المجهول في سورة النحل هو تعريف الذكر ولقد تم تعريفه في سورة فصلت بأنه كتاب عزيز لاياتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه وهو تنزيل من حكيم حميد. وإذا تتبعنا نفس المنهجية الإستدلالية نتوصل إلى معرفة متى نزل الذكر وعلى من أنزل وأي سورة من سور المصحف هو كتاب الذكر.
و عند الكلام عن سورة إبراهيم سنشرح الذكر بشكل موسع على من أنزل و متى نزل و لمن من أنبياء الله أوحي الذكر أول مره و كيف نجده الآن ..

ما هو المصحف ، ما رسالته ، ما الدين الذي يبشر به؟
هذا سؤال كبير جداً ومتشعب أخذ تشعبه من كتب التفاسير الكثيرة ولكن تعريف هذا السؤال واضح وبسيط جداً في المصحف.
هل المصحف هو عدة كتب أم أنه كتاب واحد؟

ما دليلنا؟ هل هو الله؟ هل هو الشخص المفسر ؟ مرة أخرى نتتبع منهجية الدين القيم الذي يفسر ذاته بذاته .
عبر التاريخ و منذ 1400 عام وإلى الآن تم مسح و مسخ العقل الإسلامي بخرافة أن المصحف هو القران وبأن المصحف هو كتاب أنزل على محمد (ص) وهو المخاطب فيه مع أن الله تعالى يقول عكس ذلك تماما في سوره البينه قال تعالى: (1) رَسُولٌ مِّنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُّطَهَّرَةً (2) فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ (3)

أي ان المصحف الموجود حالياً فيه كتب قيمة وكلمة كتب ليست مفرد وإنما جمع لكلمة كتاب فكيف تم تحريف هذا المعنى البسيط وإذا كان المصحف هو عدة كتب كما قال تعالى فأين هي هذه الكتب الموجودة في المصحف وعلى من أنزلت و هل محمد ﷺ هو المخاطب دائماً في هذه الكتب أم أن المصحف كتب قيمة لأنبيائه جميعاً و المخاطب في كل كتاب رسول مختلف و أن الله أمر أن لا نقطع هذه السلسلة من الأنبياء و الكتب.
إن معرفة هذه الكتب أمر إلهي وضروري والله تعالى أمرنا بالإيمان بهذه الكتب لذلك فإن مهمتنا الشاقة هي إيجاد هذه الكتب لنؤمن بها ونعمل بما جاء فيها لذلك يقول تعالى: (284) آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ ۚ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ ۚ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ۖ غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (285) البقرة

أي من آمن بالمصدر المرسل (الله) وحامل الرسالة (الملائكة) والرسل الذين أوحيت إليهم هذه الكتب. هذه السلسلة هي سلسلة الإيمان التي أمرنا الله أن نؤمن بها وهذا أمر جوهري في أصل الدين.
إن المصحف هو عدة كتب وهو رحلة الأنبياء جميعاً إلى هذه الأرض والمصحف هو كلام الله لجميع أنبيائه ورسله الذين أتوا في أزمنة مختلفة لذلك قال تعالى في سوره الرعد: (٣٧) وَلَقَدۡ أَرۡسَلۡنَا رُسُلاً۬ مِّن قَبۡلِكَ وَجَعَلۡنَا لَهُمۡ أَزۡوَٲجً۬ا وَذُرِّيَّةً۬‌ۚ وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَن يَأۡتِىَ بِـَٔايَةٍ إِلَّا بِإِذۡنِ ٱللَّهِ‌ۗ لِكُلِّ أَجَلٍ۬ ڪِتَابٌ۬ (٣٨)

وهذا الكتاب التابع لفترة زمنية (أجل) محفوظ ضمن دفتي المصحف فكلام الله لأنبيائه كلام ثمين مقدس قيوم لا يمكن أن ينسى في أروقة التاريخ وإنما يحفظ ليكون منارة للبشرية .

إن الكتب الموجودة في المصحف تدل على رسالة واحدة ودين واحد هذه الرسالة جمعت وحفظت ضمن دفتي المصحف فالأنبياء لم يأتوا بأديان مختلفة ولم ينسخ نبي دين الله بدين جديد وإنما هو دين واحد موصول ولا نستطيع أن نقطع ما أمر الله به أن يوصل ونقول بأن لكل فترة زمنية دين  .

إن الله تعالى لايغير منهجه الموضوع للبشر ولا سنته بتغير الزمان والمكان ولاينسخ دينه بدين آخر لذلك فإن تعالى قد قال:

(84) وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (85) آل عمران

فالمصحف الذي هو الصحف المطهرة فيها كتب الله لأنبيائه ورسله من نوح عليه السلام وحتى محمد ﷺ وكانت هذه الكتب للسيد المسيح لذلك قال:

“كل شئ قد دفع إلي من الله” (27) متى الاصحاح الحادي عشر.

إن الإسلام هو دين الأنبياء جميعا و لم يأت به محمد ﷺ وحده وهو سلسلة موصولة بتعبيرات مختلفة وجوهر واحد يكمل بعضه بعضاً ويدعم بعضه بعضاً كالبنيان المرصوص إن الاسلام هو دين الأنبياء جميعاً.

إن الحامل الأساسي لدين الله الواحد هو كتبه المدونة في المصحف والتي أوحيت عبر الوحي أو الملائكة أو روح القدس أو غيرهم مما ذكرنا سابقا إلى أنبياء الله جميعاً ثم ورثها محمد بعد المسيح لذلك قال:

“ذاك يمجدني لأنه يأخذ مما لي ويخبركم كل ما لله هولي” الإصحاح السادس عشر يوحنا (15)

إن النبي محمد ﷺ هو نهاية السلسة الإلهية التي اختتم بها الدين الواحد بخاتم النبيين.

إن المخاطب في المصحف ليس دائماً هو النبي محمد وحين يقول تعالى ” يأيها النبي”  علينا معرفة النبي المخاطب وإلا سيشهد المصحف علينا وعلى جهلنا.

في هذا الكتاب سنوضح أين هي هذه الكتب ، سنحدد الزبور الموجود في المصحف و التوراة ، الإنجيل ، القرآن ، أم الكتاب ، القرآن الكريم, القرآن المبين ، السلطان المبين ، كتاب الحكمة  ، الهدى و السبع المثاني و القرءان العظيم ، وغيرها كثير من كتب الله المدونة في المصحف ، سنحدد الأنبياء الذين أوتوا هذه الكتب متتبعين آلية الدين القيم مستغنين مكتفين بما دونه الله من علامات في كتبه.

سنجد هذه الكتب القيمة المتروكة في صحف المصحف المطهرة.

هذا أول جهد إنساني يقوم بربط كل نبي بكتابه أو الكتب التي أوحيت إليه والدليل المستمد من المصحف.

فحين نقول بأن الزبور نزل على داوود سنبحث في المصحف عن الزبور المحفوظ فيه فهو كتاب محدد وصفه الله وليس كتابا غائبا في سراديب الماضي العميق إنه كتاب لايزال قائما بيننا ونحن مأمورين بأن نعمل بما جاء في هذا الكتاب إذا أردنا أن يبقى خيط السماء موصولاً بالأرض وهكذا كتب الله جميعاً.

ما معنى الأحرف المقطعة في المصحف؟ 

لعل من أكثر المواضيع جدلاً وضياعاً في العالم الإسلامي هو الأحرف المقطعة التي تبدأ بها بعض السور فالبعض يردها إلى جذرها الأرامي أو السرياني وبعضهم يقول بأنها مقطعة من أسماء الله الحسنى وبعضهم يقول بأنها أسماء للسور واعتبرها البعض الأخر رموز بين الله ورسوله وبأنها من الإعجاز القراني والبعض قال إنها من السر الإلهي الذي لم يظهره الله لكائناته بل ولقد ذهب البعض إلى القول بأن لهذه الأحرف طاقة خاصة بها ودلالات فلسفية وفكرية وصوفية.

فأين الحقيقة. لا يمكن أن يكون للحق أوجه متعددة و متناقضه فالحق له وجه واحد فأين يكمن الحق في معنى الأحرف المقطعة الموضوعة على بعض السور القرانية .

سنذكر بالتفصيل معنى الحروف وعددها وإشاراتها وكيف أنها إشارات لكتب محددة و أن الأحرف المقطعة كانت ولا زالت من العلامات التي يقول عنها الحق “يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا” حيث قال تعالى في سوره البقره:

(25) ۞ إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَن يَضْرِبَ مَثَلًا مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا ۚ فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ ۖ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَٰذَا مَثَلًا ۘ يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا ۚ وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ (26)

 

إن المصحف واضح الدلالة حول الأحرف المقطعة فكيف تاه العالم الإسلامي عن المعنى.

إن العالم الإسلامي قد ضاع لأنه لم ينيب كما أمره الله ولأنه لم يرجع إلى الله واستكفى عقله وضميره فيما قاله المفسر.

سنضرب مثالاً واضحاً لنبين مدى الغفلة التي يعاني منها المسلمين ، فحين يقول تعالى في سوره النمل:

طس ۚ تِلْكَ آيَاتُ الْقُرْآنِ وَكِتَابٍ مُّبِينٍ (1)

هذا معناه أن علامة أو إشارة القرآن وكتاب مبين هي أحرف طس أي أن السورة التي تبدأ بإشارة  طس  هي  القران  و  هي  أيضا  كتاب مبين   هل هذا التفسير يحتاج الى رسالة دكتوراه أو إلى فقيه أزهري .

إننا بدلالة أحرف طس نجد القران ونجد كتاب مبين ونجد فحوى القران وكتاب مبين ثم نتتبع لنعرف على من أنزل القران وكتاب مبين وما فحوى القران وكتاب مبين يقول تعالى في سوره النساء:

(81) أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ۚ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا (82)

فمن أين أتى الإختلاف الكبير؟ المؤكد أنه ليس من الله وإنما من العقل الذي لم ينفتح لكلام الله .

إلى أين يسير العالم ؟! هل إلى الهاوية أم إلى كوة النور؟ ما هو الثمن الذي دفعه الإنسان ويدفعه وسيدفعه حين لا يمتثل لأوامر الله تعالى؟ كيف يمكن إيقاظ النائمين؟ أما آن لهذا الليل الطويل أن ينجلي؟!

إن المصحف فيه ألفاظ معينة لمسميات محددة وفيه كتب هذه الكتب تشهد لبعضها وتدعم بعضها فمثلاً الزبور الذي هو سورة الأعراف كما سنرى ذلك لاحقا تشهد له سورتان هما النساء والإسراء وسورة الجاثية تشهد له سورة القصص وهكذا القران محبوك بطريقة محكمة و لا يمكن أن تكون هناك كوة أو ثغرة يدخل منها المغرضون لأنه كتاب أحكمت أياته وكتاب مربوط ببعضه  و يشهد بعضه لبعض ولايوجد فيه أي اختلاف لذلك يتحدى الله الناس أجمعين ويقول تعالى في سوره يونس:

(37) أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ ۖ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (38)

إن كتب الله مبنية بطريقة عميقة وإذا حذفنا حرفا واحداً من المصحف سقط المصحف بأكمله فالمحكم يعني الإغلاق الكامل التام.
هذا المصحف يتكون من 114 سورة.

نظر الشكل رقم واحد (1)

الشكل 1

الشكل 1

هذه السور مرتبة بطريقة معينه و ليست عشوائية سنأتي على دراستها بشكل معمق سنحدد أي كتاب نزل على كل رسول من رسله.

 

إن كل حرف يشهد لشيء “طس” تشهد لشيء “الر” تشهد لشئ آخر و “ذلك الكتاب” يشهد لشئ ومن هنا التحدي القائم من الله إلى البشر إلى يوم يبعثون.
إن الإسلام والدين هو رسالة الله الواحدة للناس جميعاً والمصحف الشريف هو المدون الرئيسي للدين وهو عدة كتب وهذا مرسوم بدقة متناهية قال تعالى في سوره البقره: ۖ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ ۗ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (282) 

إن الدين مدون في المصحف بجملة واحدة وهو أن يكون الحكم لله وحده وهذا يتضمن أن التعريف لله والتشريع لله والأمر لله والمرجع الأساسي هو الله و المعلم هو الله تعالى عما يشركون.
الحكم لله يعني أن هناك عابد ومعبود والدين كله قائم على هذه القطبية
العابد و المعبود فإذا تغير المعبود تغير الدين أما إذا تغير العابد فإما أن يرتقي من مسلم لمؤمن ثم تقي وهكذا أو أن يهبط من مسلم لظالم فكافر ففاسق و هكذا.
إن ملخص الدين مدون في سورة النمل حيث يقول تعالى: (30) أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (31)
و تعريف المسلم مدون في سورة الجن (14) حيث يقول تعالى: وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ ۖ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولَٰئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا (14)